أنت هنا

قراءة كتاب البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين

البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين

كتاب " البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين " ، تأليف د.رجب مصطفى شعلان ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
السلام على فلسطين اينما كان موقعها
السلام على فلسطين كيفما كانت
السلام على فلسطين الطاهرة الصابرة المجاهدة

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: رجب شعلان
الصفحة رقم: 10

إننا إذ نتحدث عن جديد ، فذلك انطلاقا من الدينامكية الشاملة التي أفرزتها نتائج حرب 1967 ، والتي فرضت عملية إعادة نظر عميقة إن لناحية رؤية إسرائيل لنفسها أو لدورها ، أو لناحية نظرة الآخرين من حلفاء إسرائيل . وبكلمة أدق قبول هؤلاء للجديد في رؤية إسرائيل لنفسها ولدورها . إعادة النطر هذه انطلقت من نتائج حرب 1967 تتالت فصولا لتتبلور نهائيا بعد حرب 1973 والنتائج التي انتهت إليها . أخذت السياسة الجديدة شكل دعوة لتبديل كامل في الاستراتيجية العليا لإسرائيل بعد الدعوة التي أطلقها احد أكبر المنظرين الإسرائيليين إذ دعا إلى تصميم أمني ـ استراتيجي سياسي ينطوي على أصالة كبيرة في مستوى النظرية الأمنية القومية والاستراتيجية العليا القومية . بهدف منح دولة صغيرة وضعيفة من الناحية الكمية ، كإسرائيل قوة الدولة القوية والكبيرة . هذا الوضع الذي لا توفره فقط الطاقة المحتملة لوسائل القتال التي تمتلكها إسرائيل على الفتك حسب تعبير المنظر نفسه . إن القوة الحقيقية ليست القدرة العسكرية فحسب بل كامل السلسلة التي لا تشكل القدرة العسكرية إلا إحدى حلقاتها . لذا جرت الدعوة لتقوية كل حلقات السلسلة إذ أن السلسة كما هو معلوم ليست أقوى من الحلقة الضعيفة فيها . حسب تعبير منظر استراتيجي أخر .

جوهر ما تقدم ، هو ببساطة انتهاء ذلك الزمن الذي اتسع فيه المجال لأحاديث بغض النظر عن نسبة الصحة فيها ، عن إسرائيل المؤسسة العسكرية التي لها دولة في حين أن الطبيعي هو ان تكون دولة لها مؤسستها العسكرية . الحلقة العسكرية كانت ، أقوى حلقات السلسلة ، والحديث / التحول المشار إليه لا يعني أكثر من تقوية الحلقات الأخرى لتصبح بقوة وأهمية الحلقة المركزية ، بكلمة أخرى تركيز القوة العسكرية على قاعدة أكثر رسوخا تتسع لتشتمل على كافة مكونات القوة التي هي في آن معا مكونات الدولة القوية .

ما تقدم كان جزء من إعادة تحديد ، بكلمة أدق تأكيد على المفهوم الإسرائيلي للأمن القومي الذ هو ، من وجهة نظر علمية ، أوسع وأشمل من المدلول المباشر والمبتذل لكلمة الأمن ، والذي ينحصر تقريبا في الجوانب عالعسكرية والاستخباراتية . إنه يتسع ليشتمل فيما يشتمل على الأوضاع الاقتصادية . إن البنية الاقتصادية ، فضلا عن أنها من الناحية النظرية والعلمية ، أحد مقومات الأمن القومي ، فإنها قد أصبحت في العقد الأخير شرطا لازما لمشاريع إسرائيل الأمنية المباشرة ، أي القدرة العسكرية لناحية تحول إسرائيل أكثر نحو تصنيع سلاحها . وهي مسألة ما كان لها أن تتم دون بنية صناعية واستطرادا بنية اقتصادية متطورة جدا . بذلك ، فقد أصبحت التنمية مهمة أمنية ، وأصبح الأمن مهمة تنموية أكثر من أي وقت مضى .

إن المسألة لم تكن يوما مشكلة تحديد الاستراتيجية العليا أو المفهوم الشامل للأمن ، قدر ما كانت تحويل المشاريع والمخططات والمفاهيم النظرية المجردة إلى حقائق علمية . وهذا شأن تقف دونه الموارد المالية والبشرية المطلوبة التي لا تستطيع تأمينها إلا دولة كبيرة وغنية . هذه الموارد التي تدفقت من الرأسمالية إنطلاقا من ضمان الأخيرة لأمن إسرائيل ، ولاحقا قبول الرأسمالية لمفهوم الأمن وفقا لما تتصوره إسرائيل نفسها . على ذلك لم تعد التحويلات المالية من الخارج تستهدف تغطية مشتريات إسرائيل من الأسلحة فقط بل مشاريعها التنموية أيضا .

تركيز الحديث في حقبة ما بعد 1967 ، وما شهدته إسرائيل من تحولات ترتب على التدفق الهائل للموارد الاقتصادية ، لا يعني إفالا لما شهدته من تنمية في الفترة التي سبقت 1967 ، إذ تدفق عليها خلال هذه الفترة أيضا موارد مالية وبشرية هائلة ، مكنت غسرائيل من بناء قاعدة تأسيسية هامة جدا ، شكلت الأرضية الملائمة لمشاريعها اللاحقة والطموحة . أكثر من ذلك ، فإن التجربة الإسرائيلية بعد 1948، لم تبدأ م نالصفر ، إن لناحية الاقتصاد الصهيوني الذي جرى تأسيسه في المرحلة الفاصلة بين 1918 ـ 1948 حيث تقدر الأموال الصهيونية التي دخلت فلسطين خلال تلك الفترة ب 200 مليون جنيه استرليني . أو لناحية الموارد التي عادت على إسرائيل من جراء تهجير عرب فلسطين والتي لا يمكن تقديرها بثمن ، إذ كانت تشكل وطنا ، فضلا عن أنها كانت تكفي لإعالة ما يزيد على ثلاثة أرباع المليون إنسان ، هم عدد الأشخاص الذين هجروا من الأراضي التي قامت عليها دولة إسرائيل سنة 1948 .

إن التركيز والوزن الهام ، الذي أعطي للخارج في تأمين الموارد لإسرائيل يجب أن لا يحجب الدور الذي كان لإسرائيل نفسها على أكثر من صعيد ، ليس أقله الكيفية التي جرى بها توظيف الموارد التي أتيحت لها ، أو حسب تعبير أحد المنظرين الاستراتيجيين في إسرائيل : عدم التصرف بأموال المساعدات بوصفها أموال سهلة المنال . بكلمة أخرى الحرص عليها وعلى كيفية تثميرها . ليس من قبيل الصدف أن قائل هذا الكلام أحد أبرز جنرالات العدو . فكيف تصرفت إسرائيل بالموارد المتاحة لها بما في ذلك أموال المساعدات ؟

الصفحات