كتاب " سيكولوجية الإشاعة رؤية قرآنية " ، تأليف حسين السعيد ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ،
أنت هنا
قراءة كتاب سيكولوجية الإشاعة رؤية قرآنية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أهداف الإشاعة
وعلى الرغم من الطابع الاجتماعي والسايكولوجي الغالب على هدف الإشاعة، إلاّ أن جوهرها ينطوي على أهداف سياسية بالدرجة الأولى، وتتداخل مع بقية الأهداف المتوخاة، إلى الدرجة التي يصعب فيها التفكيك بينها. وبالإمكان رصد أهم تلك الأهداف[(]1):
1. بث الخوف والرعب والحقد والكراهية والعداوة وزرع بذور الفتنة والشك واليأس والأمل في نفوس الجمهور المستهدف.
2. تشويه سمعة وصورة الأفراد والجماعات والمجتمعات والشعوب والدول والقادة.
3. خلخلة وحدة الصف.
4. تهجير المدنيين عن طريق بث الرعب في قلوبهم.
5. تحطيم إرادة القتال لدى العدو.
6. تثبيط معنويات المدنيين والعسكريين.
7. العمل على تكوين الرأي العام أو جسّه أو تعبئته أو تضليله، حول موضوع ما يلامس حياة الناس اليومية.
8 . خداع العدو وتضليله عن طريق تعمية الأمور عليه.
9. العمل على تقوية الروح المعنوية خاصة وقت الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية.
وتأسيساً على ذلك اعتبر علماء الحرب النفسية الإشاعة من أهم الأسلحة التي يلجأون إليها في الحرب داخلياً وخارجياً، وتقوم الكيانات السياسية باستخدام الإشاعة كسلاح يغتالون به سمعة أعدائهم خلقياً ومسلكيّاً ووظيفياً ونزاهة. ولكن الإعلام الإسلامي والرأي العام الإسلامي يرفض اللجوء الى هذا النوع من الإشاعات ، سواء أكانت فردية أم جماعية، وطلب من المسلم أن يرقى بنفسه عن هذا الدرك السيئ، من اللجوء الى الإشاعة الكاذبة، لتحطيم وتفسّيخ المجتمع[(]1).
إن المعركة المحتدمة اليوم بين قوى الخير والشر واسعة ضارية خطيرة، وفي مقدمتها الحرب النفسية التي تشنها ضدنا الدول المارقة، بكل أجهزتها الدعائية الضخمة، ومختبراتها السياسية العريقة، وكارتلاتها الاقتصادية العملاقة، وشبكاتها المخابراتية الاخطبوطية، حتى أمسينا إزاء أجندة شديدة الخطورة، وهي تقتحم كل السدود والحصون، لاسيما وأن الإرهاب بالكلمات بات أشد فتكاً من الإرهاب الجسدي، لأنه يستهدف إرادة الأمة وتماسكها وعنفوانها وكرامتها.
من هنا تعتبر الحرب النفسية من أخطر أسلحة العدو التي يستخدمها ضد خصومه، وقد استعملت الجاهلية في مختلف عصورها، الماضية منها والحاضرة، الحرب النفسية بشتى صورها ضد الرسول والرسالة والرساليين.
فاستخدمت الأراجيف والإشاعات، وطعن شخصية الرسول e ،والسخرية والاستهزاء به وبأصحابه، والتقليل من شأنهم وأهميتهم الاجتماعية، وإشاعة الرعب والإرهاب في صفوف الجماعة الإسلامية والدعاة الى الله سبحانه، لإضعاف الروح المعنوية، وهز الشخصية الإسلامية من داخلها، وايجاد الهزيمة النفسية، ليتداعى البناء، ويفقد أتباع الدعوة الإلهية الثقة بأنفسهم ،ويعيشوا في حالة من القلق والتوتر.وعندما تنهزم الإرادة، ويستولي الرعب والخوف على الفرد والجماعة المؤمنة تنهار مقاومتها ويضعف صمودها.
وعلى امتداد مسار التاريخ دأب الظالمون والطغاة، والذين في قلوبهم مرض على التقاطع، مع كل ماهو خيّر وجميل في الحياة، فلا يقبلون أن يعيشوا في مناخ الأمن النفسي، والصدق والحق، بل في مناخ ملبّد بغيوم البلبلة والشائعات،فإذا لم يجدوا شيئاً يساعدهم على ذلك، اختلقوا الأكاذيب، وصنعوا الشائعات، وأحدثوا في المجتمع فتناً هوجاء، وتلك طبيعة خبيثة في بعض الناس، وهؤلاء هم الذين حذّر الله سبحانه وتعالى منهم، ووصفهم بأنهم الشياطين:( شياطين الإنس والجن).
ولقد وصل بأصحاب الشائعات الملفقة والافتراءات المزورة أن كانوا ينالون من الرسول e ، بل وصل بأصحاب القلوب المريضة، ومنْ فقدوا الإيمان وضلوا ضلالاً مبينا أنه لم يسلم من أذاهم وشائعاتهم وإفكهم أحد، فهم أهل البهتان، والمروجون للزور، والمؤلفون لوقائع الكذب ، فنالوا من الله ورسوله والمؤمنين.
وقد عالج القرآن الكريم هذا الموضوع الخطير في غير موضع، وتناوله على أكثر من صعيد.


