أنت هنا

قراءة كتاب مقالات في الشعر والنقد والدراسات المعاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مقالات في الشعر والنقد والدراسات المعاصرة

مقالات في الشعر والنقد والدراسات المعاصرة

كتاب " مقالات في الشعر والنقد والدراسات المعاصرة " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

الشعر ومنبع إبداعه...

يذهب كثير من النقاد والباحثين إلى عد (العاطفة) أحد أهم عناصر عملية الإبداع الأدبي، يليها الخيال والمعنى والأسلوب.. وتراءى لبعضهم ان الأديب أو الشاعر لا يكتب أو ينظم الا إذا هزته تجربة عاطفية، وهي وحدها الكفيلة بان تمنح الأدب الخلود! ولاسيما إذا توافر في هذه التجربة صدق الوجدان!

بيد أننا حين ندقق النظر في ماهية الشعر بخاصة، ونعي انه فن أولاً وأخيراً، أدركنا ان الشاعر فنان، والفنان في حقيقته هو من يشعر بما لا يشعر به غيره، ويخلق عالماً مغايراً للواقع المرئي، في تشكيل فني منبعه موهبة فطرية خلاقة، معززة بامتلاك ناصية اللغة والوعي بأسرارها وإمكاناتها غير المحدودة وتطويعها في ضرب من النسيج، وجنس من التصوير المؤطر بخيال يتيح لنا التمييز بين رسام للشعر وآخر ناظم له!

وهذه المعايير لفن الشعر تبقى أحادية الجانب. ما لم يترك النص الشعري في نفوس المتلقين المتعة والفائدة ويخلب البابهم وعقولهم، ويصادر عواطفهم.

حتى يمكننا القول ان العاطفة المرادفة للاستجابة أو التأثر هي التي تتوافر في المتلقي لا المبدع أو الشاعر، الذي حسبه أن يلون الأشياء كما يشعر بها، ويعرضها كما يشتهي هو! ومما يزيد القناعة بذلك قول الشاعر الإنجليزي (ميلر): (نحن معشر الشعراء ننجح في الأوهام خيراً من نجاحنا في الحقائق) وهو رأي له مصداقيته كونه منبثقاً من شاعر، والشعراء أفهم الناس بالقريض وأسراره، كما نعده أكثر دلالة وعمقاً من مقولة (أعذب الشعر أكذبه)!

وللدلالة على ما نقوله نشير إلى الملاحم الشعرية القديمة (كلكامش، الالياذة، الأوديسة) وغيرها، فهي في جوهرها (اسطورية) ولكنها على الرغم من ذلك اكتسبت (الخلود الشعري) في تجاوزها حدود عصرها بأبعادها الفكرية والجمالية، ويقال الشيء نفسه عن القصائد الشعرية عبر تاريخ عصور الأدب العربي التي مازالت نابضة بالحياة، ولم تكن تمت بصلة إلى العواطف!..

وإذا ما وقع الحافر على الحافر، في ما قاله الشعراء ويقولونه فذلك ما دفعتهم إليه تجربتهم الشعورية المستغرقة لعواطفهم الإنسانية واحاسيسهم المرهفة. وشأن الشاعر في هذا المجال، شأن الفنان (الممثل) فتظاهره بشعور ذي تأثير في جمهوره وهو مغاير لدواخله النفسية يمثل قمة الإبداع وعظمته!

وعليه يمكننا القول ان الشعور في معناه الشمولي والواسع هو أساس الخلق والإبداع في الشعر بخاصة، والفنون بعامة، وهذا الشعور الواعي يستمد كينونته من عالم اللاشعور ولا يقصد من وراء ذلك إرجاع الصور الفنية إلى أحلام أو صور بدائية وحسب، بل إلى الكشف عن التسامي بالعواطف والرغبات، والوقوف على أصالة الشعر، وأسباب استجا بة الناس له، ومنبع خلقه الفني أيضاً.

الصفحات