كتاب " زهر البنفسج , زهر الرغبة " ، تأليف أنا كلافيل ، ترجمة رنا الموسوي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر
أنت هنا
قراءة كتاب زهر البنفسج , زهر الرغبة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الفصل الثاني
أمامي الآن صور الدمية المعذبة التي ذكرتها آنفاً. هي دمية من صنع فنان عمل في السر: هانس بلمير. لن أتحدث عنه الآن لكن من يدري؟. لم أكن أنوي التحدث عن سوزانا غارمينديا أو عن أستاذ التاريخ لكنني بدأت كلامي بهما. ما أردت الحديث عنه هو أمر آخر. لو أردت تلخيص حياة رجل ببضع كلمات، لقلت إنها قصة حلم. أحاول سردها بالتفاصيل المملة التي قد لا تظهر فيها بوضوح، إنما تؤثر على نحو غامض في حبكتها الضبابية.
وسرد تلك القصة في كوخ حديقتي، محاطاً بالدمى الخاصة بي و «جوائزي» قبل أن تُنتزع مني، له علاقة بحدث مؤكد حصوله: هي لحظة التمس «تانتاليس» رحمة الآلهة من يد الكاهنة التي تكفر عن الذنوب وتضع حداً للعقوبة. لكن لا يجوز أن أتسرع في استحضارها من دون جدوى، فهي كحورية أثيرية ستأتي في موعدها، مثل ؟يوليتا، أو مثل الدمى الأخرى.
لنقل إن قدري كتب قبل ولادتي، وبصورة خاصة حين قرر أبي المتزوج حديثاً استثمار المال الذي ورثه من جدي وجدتي في مصنع دمى. أي إن هذا المشروع نَما في ذهنه في وقت كنت أنمو في بطن والدتي. أجهل متى، مع مرور زمن الحفاضات والخطوات الأولى، قرر أن يصطحبني إلى المعمل. على الأرجح حصل ذلك حين بدأت أمي تعطي اشارات بأنها تريد أن تصبح حاملاً مرة ثانية. لكن المحاولات باءت بالفشل وبقيت ولداً وحيداً متسلطاً، صغير عائلة تلاشت رغبتها في التكاثر، وفق تعاليم العهد القديم. النتيجة هي أنه تم تدليلي إلى أبعد حدود، على يد أمي تيريزا أولاً، ثم جدتي اديلاييدا وخالاتي الكثيرات اللواتي كن يشترين لي الهدايا والسكاكر ويجعلنني أتنكر كراعٍ صغير أو ككاوبوي، ويعلمنني كلمات بذيئة لكي يحمر وجه أبي خجلاً.
ومع ترعرعي بين نساء كثيرات، قرر أبي، خوليان ميركادير، أن يصطحبني إلى معمله ليعرفني على عالم السكك الميكانيكية والبساط المتحرك حيث كان يتم وَصلُ مفاصل أجسام الدمى. كان يتركني هناك كما لو كنت في حديقة أطفال بريئة ويفترض بي أن أتسلى إلى أقصى الحدود قبل التحاقي بالمدرسة التي كان موعدها يقترب.
ومن أجل توجيهي وتعليمي، عهد بتنظيم زياراتي للمعمل إلى رجل ذي نظرة زرقاء، هو مصمم الدمى والمشرف على إنتاجها ورفيق أبي منذ أيام الجامعة وشريكه الألماني الذي ترعرع في المكسيك بعد الحرب العالمية الثانية، والذي كان يدرس الهندسة الكيميائية صباحاً وفن الرسم مساء: كلاوس فاغنر.