أنت هنا

قراءة كتاب اشكالات الدولة الوطنية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اشكالات الدولة الوطنية

اشكالات الدولة الوطنية

يظل الحديث عن موضوعة الدولة الوطنية من اكثر الاحاديث اثارة للجدل واستدعاء للاسئلة، لان هذه الدولة لم تعد قرينة بحراك الجماعات التقليدية المهيمنة ومظاهر نشوئها التاريخية الملتبسة، بقدر ماأضحت قرينة بحراك سسيوسياسي اوسع، وبسيرورات تحمل معها مشروعها في التأصيل

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
..الدرس الفلسفي، والدرس التعليمي ومشروع الانسان..
 
ان الاهتمام بالبنية التعليمية كمؤسسة وكمنظومة لانتاج وتنظيم المعرفة وتحويل المناهج الى اليات فاعلة في الاجراء الثقافي وفي بناء اطر الدولة ومصادر تنميتها، يعني الاهتمام بالتشريعات والقوانين التي تسهم في انجاز ظاهرة التحولات في الدولة، والسعي الى البناء المؤسسي الحاضن لمظاهر التربية والتعليم، واعتبار هذا التعليم حقا من الحقوق الانسانية الذي يجب ان تضمنه الدولة ويحميه المجتمع، وصولا الى الاهتمام بالمعارف التخصصية، ونقل المعرفة من اطارها التعليمي التقليدي الى البرامج والى تخليق الكفاءات والقدرات والملكات البشرية التي تقوم بعمليات التحويل المعرفي والمعلوماتي بمواجهة الازمات التاريخية للدولة القديمة، ولانماط من انثربولوجيا الجماعات وثقافاتها ومقدسها، تلك التي تركت مهيمناتها ضاغطة على رواسب المخيال الشعبي المسؤول عن انتاج اشكال معقدة من التبعية والخضوع للتابو والرمز والعنف، واستمراء الاشكال الضاغطة للنكوص، وطبعا هذا لايحدث دون تأمين فاعلية التمكين، أي تمكين مسؤوليات صنّاع القرار من انتاج فاعليات التغيير في بنية الدولة السياسية لاهمية هذا الدور اولا، ولاهمية دور اثراء الفاعلية التعليمية بمستوياتها المتعددة، خاصة الجامعية والتخصصية في نشوء (السستم) التعليمي والمعرفي واهمية دورها في انضاج عوامل التنمية البشرية، وفي تفعيل قيمتها ووظيفتها العلمية، وبالاتجاه الذي يقترن بشأن توفير كل الامكانات لتنميتها و دعمها والتأكيد على هويتها وبرامجها واهمية مراكزها البحثية. وليس اكثر اهمية من الحديث عن تأمين مصادر واسباب صناعة الدولة، وضمان فاعليات التقدم الاجتماعي والثقافي من الحديث ذاته عن فاعلية الاكاديمية باعتبار ان هذه المؤسسة تعبّر عن حيوية تنظيم موجهات التحديات الحضارية واسئلتها، وكذلك التوافر على اساليب علمية في التعامل مع حراك الواقع المحلي والعالمي، والتفاعل الايجابي مع اشكال ومعطيات الحضارة المعاصرة، من خلال تنمية فعل التفكير العلمي والانفتاح على مصادره وافاقه ومناهجه، واجتراح سياقاته وبرامجه واصوله التعليمية والتدريبية وتوظيف المناهج العلمية في سياق البحث عن علاقات مستدامة وتكافلية مابين المجتمع والطبيعة والعقل والدولة، واحسب ان وعي هذه العلاقات وادراك مشكلاتها يقترح لنا الاساس العملياتي الذي يمكن ان نؤسس عليه اسس البنية السسيوثقافية لاية عملية للتحول، فضلا عن تأمين محركات اكثر اجرائية لظواهر الوعي الاجتماعي والثقافي باتجاه توليد المزيد من المعارف، من منطلق ان وعي هذه المشكلة، أي مشكلة البناء والتحول ومايفترضانه من المنهج، يجعلنا على صلة دائمة بانتظام النظر الى المفاهيم وتحديثها، والنظر الى الانسان والعالم من البحث عن علائق حيوية تديم هذه الصلة بينهما..
 
ازمة التحول في الدولة الجديدة تكمن في ازمة مايحوطها، وازمة التعليم بمعناه التربوي والمهني والتخصصي، تمثل وجها من وجوه هذه الازمة، خاصة وان نظم التعليم، ومنها التعليم التخصصي باتت جزءا من الحاجة الى حراك المناهج الحديثة، أي المناهج التي تؤمن بالقيم الانسانوية للحداثة، والتي تضع هذه المناهج في سياقات تبدأ من الجامعة كمؤسسة، ولا تنتهي عند مؤسسات الحقوق المدنية التي تدافع عن الحقوق العامة، وتسهم في تنمية ثقافات الحرية والمواطنة والانتماء، لان هذه الحقوق تتماهى مع صناعة الدولة باعتبارها مؤسسة مدنية تكفل الحق العام والرعاية والمواطنة، مثلما تكفل المعيش والتعليم والحرية.
 
الحديث عن العلاقة بين مصادر هذه الثقافات وبناء ظاهرة الدولة، يبدأ من اهمية(التمكين)بوصفه مصدرا لتأمين فعاليات الحراك، مثلما يبدأ من فاعلية المؤسسات في السياق الاجتماعي والسياسي، مقابل تأمين مصادر انسانية واحلاقية للتعاطي مع المناهج الكبرى التي انتجت الاطر المفاهيمية لحداثة الدولة، ورغم ان هذا الحديث يظل اشكالويا وباعثا على انتاج المزيد من الازمات والاسئلة، الاّ ان وجود البيئة الصالحة للتفاعل والتمكين، وايجاد الاسس الكافلة لنمو القوى الجديدة، سيظل هو القوة الكبرى التي تدافع عن مشروع الانسان والدولة، أي ان النمو المتكامل للمؤسسات بما فيها مؤسسة الدولة، هو المنطلق الذي يحضن فاعلية التجديد، وهو المصدر المنهجي والاخلاقي لتجاوز عقد تاريخ(التابوات) وازمة هيمنة المخيال الثقافي المرتبط بالكثير من الفلسفات الوثوقية السابقة التي لاتؤمن باي فكر نقدي، هذا الفكر التوليدي الذي يملك شروط الدفاع عن الخصوصية والهوية، بقدر ما يشرعنه من وعي يؤمن بفعل الحرية والانطلاق نحو ضرورات العلم والتجربة والحوار مع الاخر. وهذا ما يؤكد لنا حيوية النقد في ان يكون هو الجوهر الاجرائي في العقل السياسي والعقل الثقافي، وان قصة تطور المعرفة ومنها قوة الفلسفة هي قصة البحث عن قوة العقل، ولعل تطور الفلسفات الغربية لم يحدث خارج معرفية العقل واسئلته ومفاهيمه وتطور حلقات الدرس العلمي والفكري في اطار الصراع الانساني والمعرفي الطويل مع تاريخ الميتافزيقيا، اذ عمدت هذه الفلسفات على مقاربة حركة الفكر وتجاوز مفهوم محدودية العقل الانساني والانطلاق نحو انتصارات معرفية كونية تبدأ من انتصار الانسان/العقل على الطبيعة وانتهاء بايجاد التقعيدات النظرية المعرفية والاجرائية لكل فكر تجريبي يتجه باستمرار نحو تنفيذ فعل الارادة والبحث عن النتائج العلمية لاية فكرة ..

الصفحات